منذ فجر يوم السبت 11 فيفري 2023، انطلقت في تونس حملة اعتقالات واسعة طالت رموز المعارضة والنشطاء السياسيين، متهمة إياهم بالتآمر على أمن الدولة. هذه الاعتقالات، التي أودت بعشرة شخصيات بارزة خلف القضبان، تستمر منذ ما يقارب الثمانية عشر شهرًا، دون محاكمات عادلة أو أدلة دامغة.
ترافقت هذه الحملة مع استخدام السلطة لأجهزتها في نشر بروبغندا مكثفة تهدف إلى إقناع التونسيين بجدية الاتهامات، بينما الحقيقة تظهر عكس ذلك. من خلال وسائل الإعلام الموالية، جرى تضخيم التهم وإظهار المعتقلين كإرهابيين يسعون لزعزعة استقرار الدولة، مما خلق جوًا من الخوف والتشكيك.
تنشر منصة “فالصو” تقريرا شاملا يفضح تجاوزات وزيرة العدل والسيد سمير الزوابي (قاضي التحقيق 36 بقطب الارهاب) والتلاعبات التي صاحبت التحقيقات. يحمل التقرير عنوان “حين تتآمر أجهزة الدولة على الحقيقة”، ويكشف عن عمليات التضليل والمغالطات التي عمد إليها قاضي التحقيق، وتم نشرها بطرق غير قانونية على مواقع التواصل الاجتماعي، مما مكّن العديد من الاطلاع عليها دون التمكن من مناقشتها في وسائل الإعلام نظرًا للقرار التعسفي بمنع التداول الإعلامي الصادر في 17 جوان 2023.
يسلط التقرير الضوء على الأسباب الحقيقية وراء جنوح السلطة نحو سياسة المنع والرقابة المسبقة على الفضاء العام، بدلًا من توضيح الغموض الذي يلف القضية. ويبين أن قرار منع التداول الإعلامي لا يستند إلى أي سند قانوني، بل يخالف أحكام الدستور وحقوق المواطنين في الحصول على المعلومة وحرية التعبير.
كما يؤكد بالادلة أن مبررات المنع القائمة على الحفاظ على حسن سير الأبحاث وسرية التحقيق وحماية المعطيات الشخصية للأطراف ما هي إلا محاولات لإعداد الفضاء المناسب لتلفيق التهم والجرائم. يوضح التقرير خواء الملفات المسربة من أي دليل جدي وهشاشة قرائن الإدانة، مشيرًا إلى غياب احترام أبسط الإجراءات القانونية وضمانات المحاكمة العادلة.
في ختام هذا التقرير، تؤكد منصة “فالصو” التزامها بنشر الحقائق ومواجهة التضليل، معلنة تحملها كامل المسؤولية القانونية عن ما تكشفه من حقائق. فالحق لا ينتصر إلا بمواجهة الباطل، والحقيقة لا تخشى النقاش.
18 شهرا من الايقاف والافعال المنسوبة كاذبة
فيما نسب لكمال اللطيف – المتهم #1:
رجل الأعمال “كمال اللطيف” وقع ايقافه السبت 11 فيفري 2023 ساعات قليلة بعد اعتقال الناشط السياسي خيام التركي من قبل فرقة أمنية، ليتم اتهامه بالتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي بموجب قانون مكافحة الإرهاب وإصدار بطاقة إيداع بالسجن في حقه بتاريخ 25 فيفري 2023. فريق منصة فالصو قام بمراجعة قرار ختم البحث، محاضر سماع المتهم، الإختبارات الفنية المجراة على الأجهزة المحجوزة، تقرير لجنة التحاليل المالية وشهادة المخبر XX والمخبر XXX، تبين أن ما نسب لكمال لطيف في قرار ختم البحث، في ما يعرف إعلاميا بقضية التآمر، تضمن العديد من المغالطات والمعطيات غير الدقيقة أو خارج/خاطئة السياق.
يذكر قرار ختم البحث كما تبين *الصورة رقم 1 *الذي وقع ختمه بتاريخ 12 أفريل 2024, أن رجل الأعمال كمال لطيف أعترف بلقاء “فابريزيو ساجيو”، السفير الإيطالي الحالي، في حين أن من يشغل منصب سفير إيطاليا منذ شهر فيفري 2024 هو السيد “أليساندرو بروناس”، شهرين قبل ختم البحث. حيث يشغل السيد “فابريزيو ساجيو” بتاريخ ختم البحث (افريل 2024) منصب مستشاراً دبلوماسياً في حكومة “جورجيا ميلوني”. التضارب في التواريخ المذكورة في قرار ختم البحث يثبت أن قاضي التحقيق قد قام فعلاً بختم الأبحاث قبل شهر أفريل بثلاثة اشهر على الاقل.
“فابريزيو ساجيو” السفير الإيطالي السابق الذي إعترف لطيف بلقائه، قدّمت هيئة الدّفاع عن القادة السّياسيين المعتقلين في قضيّة “التّآمر” بتاريخ 29 سبتمبر 2023 مطلبا كتابيّا في سماعه لكنه جوبه بالصمت التام من قاضي التّحقيق بقطب مكافحة الإرهاب المتعهّد بالقضيّة. نفس هذا السفير استقبله رئيس الجمهورية قيس سعيد في شهر جانفي من سنة 2024 بمناسبة انتهاء مهامه ببلادنا على الرغم من ورود اسمه في قضية الحال و “تآمره” كطرف خارجي، مع عدد من المتهمين المودعين بالسجن على أمن الدولة الداخلي والخارجي. حرر أيضاً بالملف أن كمال لطيف التقى السفير الايطالي والسفيرين الأسبقين بنفس السفارة سفير ايرلندا بالجزائر، حسب اعترافاته إلا أن هذا غير دقيق إذ لم يذكر المتهم سوى السفيرين “فابريزيو ساجيو” و”لورينزو فانارا” اي سفير حالي وسفير سابق. كما وضح “لطيف” ان لقاءه بالسفير الايرلندي بالجزائر كان سنة 2013 بتنسيق وطلب من القنصل الشرفي لايرلندا بتونس “منصف مزابي” في إطار لقاءات السفير مع عدد من رجال الأعمال التونسيين. كما بمراجعتنا محضر السماع، لاحظنا أن السيد قاضي التحقيق قام عمدا بإغفال جزء من اعتراف المتهم بخصوص لقاء سفير إيطاليا “لورينزو فانارة”. حيث يذكر أن كمال لطيف *الصورة رقم 2* تجمعه علاقة صداقة مع “لورينزو فانارا” منذ سنة 2018 وأن اللقاء كان بمقر سكنى السفير في نفس السنة و تناولا الوضع الاقتصادي في البلدين وظاهرة الهجرة اللانظامية نحو إيطاليا، وذلك بصفته رجل أعمال وحدث ذلك في إطار العرف الدبلوماسي لكل السفراء في التواصل مع الشخصيات الاقتصادية. اما بالنسبة ل”فابريزيو ساجيو” سفير إيطاليا فترة إيقاف رجل الأعمال، فقد صرح كمال لطيف ان السفير هو من اتصل به والتقاه في مناسبة وحيدة حين تولى مهامه في تونس سنة 2022 ولم تجمعه به أي لقاءات اخرى ماعدى اتصال هاتفي تهنئة بالسنة الإدارية 2022/2023.
السيد قاضي التحقيق صور لقاءات المتهم مع السفراء كأنها مشبوهة، بينما تمت في إطار العرف الدبلوماسي، ولا نص قانوني يجرم اللقاءات مع دبلوماسيين أجانب، وإن كانت تلك اللقاءات مشبوهة أو ثبت ان الهدف منها التآمر على امن الدولة الداخلي والخارجي، فان السيد قاضي التحقيق لم يقدم اي اثبات على ذلك كما تجاهل مطالب هيئة الدفاع لسماع السفيرين لمعرفة فحوى اللقاءات، فالقاعدة القانونية تقول إن الاتهامات تُبنى على الأدلة القاطعة واليقين وليس على الشك والتخمين.
رأى السيد قاضي التحقيق، أو من حرر قرار ختم البحث في قضية التآمر، ان الاختبار الفني المجرى على هواتف “كمال لطيف” عززت الاتهامات الموجهة إليه. فريق منصة فالصو وبعد الاطلاع وتحليل نتائج الاختبارات الفنية الصادرة عن مكتب الاختبارات أسامة لحمر، اتضح ان ماورد بختم البحث مضلل وفيه تلاعب بما ورد في الاختبارات، حيث كما توضح الصور: لم نلاحظ تواصلا مكثفا بين المتهم “كمال لطيف” و السفيرين الإيطاليين “لورينزو فانارا” و “فابريزيو ساجيو”، كما لم يرد في المعاينات الفنية أي معطيات بخصوص تكثف هذه الاتصالات بعد إجراءات 25 جويلية 2021. يدعي قرار البحث أن الاختبارات الفنية أكدت تواصل “كمال لطيف” هاتفيا او عبر الارساليات او تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي مع المتهمين في القضية كريم القلاتي – محمد الأزهر العكرمي – عصام الشابي- أحمد نجيب الشابي – مصطفى كمال النابلي – نور الدين بن تيشة – رضا شرف الدين – نور الدين بوطار – كمال الجندوبي. ما يعتبر تضليلا متعمدا في هذه النقطة بالذات أن هذه القائمة وردت بنتيجة الاختبار الفني *الصورة رقم 3* كقائمة اصدقاء أي قائمة جهات الاتصال (liste des contacts). وقد ذكر الاختبار تفاصيل الاتصالات بين مجموع المتهمين واتضح أن أغلبها رسائل تتمثل في روابط لمقالات و ملخص أخبار وطنية ودولية.
دون التأكد من صحة شهادة المخبر XXX ودون القيام باعمال تحقيق للبحث عن ادلة البراءة او الادانة، يوجه قاضي التحقيق اتهاما لرجل الأعمال “كمال لطيف” بتكليف “”نجلاء لطيف” التي قدمها المخبر ابنة أخ المتهم ليتم فيما بعد التحقق انه ليس لديه قريبة بهذا الاسم، كلفها بربط اتصالات واجتماعات مع أطراف تونسيين وأجانب وجهات أمنية ودبلوماسية بمقر السفارة التونسية ببلجيكا، علما وان السفير التونسي ببلجيكيا حينها هو وزير الخارجية الحالي “نبيل عمار”. السيد قاضي التحقيق وجه الاتهام دون تحر أو تدقيق وعزز ذلك بشهادة “الشاهد ماشفش حاجة XXX” ولم يقدم أي أدلة جدية أو يتوفر فيها الحد الادنى من المعقولية. حيث على سبيل المثال، بمدخل السفارة التونسية ببلجيكيا كاميرا مراقبة واضحة في الصورة التالية، وهي واحدة من أكثر من 5 كاميرات مثبتة بمدخل البناية الامامي فقط دون احتساب الكاميرات الموجودة داخل السفارة و بقية المداخل الجانبية والخلفية، وإذا اعتمد السيد قاضي التحقيق على شهادة المخبر مؤكدا أنه “عقدت فعلا اجتماعات مع تلك الأطراف هناك” فان تسجيلات كاميرا المراقبة هي أول ما يجب البحث فيه للبحث عن أدلة البراءة والإدانة ولمعرفة هوية “الأطراف التونسية والاجنبية والجهات الأمنية والدبلوماسية” واستدعائهم للتحقيق. هذا طبعا غير مدرج بالملف الذي افتقر للجدية واتسم بالتقصير في الأبحاث وتضليل للعدالة أدى إلى وجود رجل الأعمال “كمال لطيف” بالسجن منذ 18 شهرا.
واصل السيد قاضي التحقيق في اعتماد شهادة المخبر XXX ليوجه التهمة تلو الاخرى، منها ما تمكنا في منصة فالصو بالتحقق منه في أيام معدودات، دون أن تكون لنا إمكانيات الدولة ووزارة العدل. حيث يدعي أن من بين الأطراف التي كلفها “كمال لطيف” لحضور الاجتماعات داخل السفارة التونسية ببلجيكيا، شخص يدعى “رفيق الشعبوني”، وهو حسب المخبر xxx، تونسي مقيم بفرنسا، يعمل بتجارة الأسلحة بالسوق السوداء بفرنسا، من اخطر العناصر في مجال تهريب الأسلحة بين ليبيا ومالي، مدرج بالتفتيش بدولة بلجيكيا من أجل تورطه في قضايا ذات صبغة ارهابية. “كمال لطيف” كلف “رفيق الشعبوني” بالحضور في الاجتماعات داخل السفارة التونسية ببلجيكيا (دون علم السفير) للتحضير لقلب نظام الحكم بتونس وتوفير المال والسلاح في صورة الحاجة لاستعمال القوة للوصول لغايته. تهم بهذه الخطورة تشمل كل من ” كمال لطيف” و “الشعبوني” و”نجلاء لطيف” وموظفي السفارة وأمنيين وديبلوماسيين، والسيد “نبيل عمار” نفسه بصفته سفيرا لتلك السفارة بذلك الوقت. كان من المفترض لتأكيد ادعاءات المخبر xxx وتعزيز التهم ان يتم الاجابة على بعض الاسئلة اهمها:
ما هي المصادر التي اعتمد عليها المخبر XXX لتقديم هذه الشهادات؟ وهل توجد أي وثائق أو أدلة ملموسة تدعم ادعاءات المخبر XXX؟ هل تم التحقق من هوية “رفيق الشعبوني” بشكل دقيق؟ هل هناك سجلات رسمية تؤكد تورط “رفيق الشعبوني” في تجارة الأسلحة أو أي نشاطات إرهابية ؟ هل تم التواصل مع السلطات البلجيكية والفرنسية للتحقق من صحة الاتهامات ضد “رفيق الشعبوني”؟ هل تم طلب معلومات رسمية من السلطات المعنية حول أي تحقيقات أو مذكرات تفتيش متعلقة ب”رفيق الشعبوني”؟ هل هناك أي أدلة تشير إلى تورط “كمال لطيف” في التحضير لقلب نظام الحكم في تونس؟ هل هناك أي سجلات أو شهود آخرين يدعمون ادعاءات المخبر XXX بخصوص “كمال لطيف”؟ هل الأدلة المقدمة من المخبر XXX تتوافق مع المعايير القانونية لقبول الشهادات والأدلة؟ هل هناك أي دوافع محتملة تجعل المخبر يقدم شهادات غير دقيقة؟ هل هناك أي تعارضات في شهادات المخبر XXX مع الحقائق المعروفة أو مع شهادات شهود آخرين؟
لم يكلف قاضي التحقيق نفسه عناء البحث والتدقيق في شهادة المخبر XXX أو الإجابة عن الأسئلة المحورية، بل اعتمد على أقواله لإقامة الحجة على المتهم رغم وجود تضارب واضح ومغالطات بالجملة في شهادته. المخبر شهد بما لم يره أو يسمعه، بل قدم سلسلة من العنعنة مستنداً إلى صديق مقيم بالخارج وصديقه عن صديقة مقيمة ببريطانيا دون ذكر هويتهما أو استفسار القاضي عنهما، مما يجعل مصادر المخبر مجهولة لدى القضاء. علاوة على ذلك، لم يقدم المخبر أي أدلة تدعم ادعاءاته، مثل سجلات أو وثائق أو مخططات سواء لتورط المتهم “كمال لطيف” او لوجود المخطط من اساسه. كما من المثير للاستغراب أنه لم يتم طلب معلومات رسمية من السلطات التونسية حول أي تحقيقات أو مذكرات تفتيش متعلقة ب”رفيق الشعبوني” في بلجيكا والاتحاد الاوروبي، حيث لا يوجد أي طلب رسمي مرفق بملف القضية. كما لم تظهر أي أدلة تشير إلى تورط “كمال لطيف” في التحضير لقلب نظام الحكم في تونس، ولا توجد سجلات أو شهود آخرين يدعمون ادعاءات المخبر XXX بخصوصه. وعندما يتعلق الأمر بتعارضات في شهادات المخبر XXX، فهي تتعارض مع المنطق والحقائق ومحاضر سماع المتهم وتفتقر للادلة والبراهين، مما يعزز الشكوك حول مصداقية هذه الشهادة ويطرح تساؤلات جدية حول نزاهة التحقيق. في عملية التدقيق من المعلومات المقدمة حول “رفيق الشعبوني”، قمنا بمراسلة وزارة العدل البلجيكية وصحفيين ونشطاء بلجيكيين، وتم تزويدنا بقائمة المطلوبين للعدالة في بلجيكا، وهي قائمة مفتوحة للعموم على الموقع الرسمي للشرطة الفدرالية البلجيكية وموقع الشرطة الأوروبية Europol. بتصفح القائمة، لم نجد أثراً لسجلات رسمية تؤكد تورط “رفيق الشعبوني” في تجارة الأسلحة أو أي نشاطات إرهابية أو تحقيقات أو مذكرات تفتيش ضده، مما يفند الاتهامات ضد “رفيق الشعبوني” ويجعل شهادة المخبر بشأنه كاذبة. الصورة رقم 4
لم تكتمل عناصر قصة المؤامرة في ملف القضية إلا حين وقع إقحام اسم المدعو “برنار هنري ليفي” بناءً على شهادة غير جدية وثبت كذبها فيما سبق، إذ لم ترتقِ إلى مستوى الدليل ولم يقدم المخبر أي وثيقة تؤكدها، ولم يقم القاضي بالتحريات اللازمة بشأنها. حيث ادعى المخبر XXX أن “لطيف” التقى “برنار هنري ليفي” في لكسمبورغ خلال عام 2022 لبحث عملية “قلب نظام الحكم في تونس” على حد تعبيره. وبسؤاله حول الموضوع، نفى “لطيف” ذلك، وهو ما يتطلب مزيداً من التحقيق للتثبت من صحة المعطيات. ومع ذلك، لم يقدم قاضي التحقيق أي دليل يثبت صحة هذا الادعاء، بل نسب أفعالاً غير مثبتة ومبنية على شهادة واحدة غير جدية وتفتقر للمصداقية. إن إقحام اسم “برنار هنري ليفي”، الذي يُنظر إليه كرمز للاستعمار الثقافي والتدخل الغربي في الشؤون الداخلية للدول العربية، يعزز الفكر المؤامراتي ويضفي مصداقية واهية على القصة لدى الرأي العام.
المخبر الثاني XX ضد “كمال لطيف” مقيم بالسجن منذ سنة 2017 تنفيذًا لأحكام قضائية بتهم التدليس، وهي من الجرائم المخلة بالشرف مما يضعف من مصداقية شهادته قانونًا. وله عداوة واضحة مع المتهم “كمال لطيف” تعود لسنوات، موضوع معروف في المشهد السياسي التونسي. حتى إذا افترضنا جدلاً أن المخبر XX يستوفي جميع الشروط القانونية لاعتماد شهادته شكلاً، فإن مضمون ما قدمه من معطيات حول كمال لطيف لا يجرمه القانون، كما تعود هذه المعطيات لتواريخ بين 2011 و2016 ذكرها بنفسه في محضر السماع، أي قبل سنوات من انتخاب قيس سعيد رئيسًا للجمهورية وخمس سنوات قبل إجراءات 25 جويلية 2021، ما يجعلها شهادة خارج السياق الزمني لقضية التآمر.
قاضي التحقيق ادعى أن الاتهامات ضد “كمال لطيف” “تعززت” بتقرير اللجنة التونسية للتحاليل المالية، مشيرًا إلى أنه يملك “عدة حسابات بنكية أجريت خلالها عدة عمليات وتحويلات مالية مكثفة وغير مبررة ومشبوهة”، كما أشار في قرار ختم البحث أن تقرير اللجنة تضمن تقدم المتهم وافراد عائلته بمطلب اكتتاب في عقود التأمين على الحياة بدولة لكسمبورغ دون الحصول على تراخيص من البنك المركزي.
- راجعنا محاضر سماع المتهم ولم نجد اي سؤال بخصوص العمليات المالية تجعلها “غير مبررة ومشبوهة” ولم يعط الفرصة لكمال لطيف لتوضيح مصادرها، لذلك فان السيد قاضي التحقيق وجه تهما لا أساس لها من الصحة.
- راجعنا تقرير اللجنة التونسية للتحاليل المالية ولم يرد به اي ملاحظة او تحليل يحيل على التحويلات المكثفة وغير المبررة والمشبوهة، بل العكس تماما حيث يفيد التقرير المذكور وتقرير الادارة العامة للأداءات (صورة) ان “لطيف” يتصرف في حسابات مفتوحة بالدينار التونسي لدى التجاري بنك، وسبق أن مسك حسابا بالعملة التونسية لدى البنك العربي لتونس تم غلقه سنة 2014 ولم يسجل أي تحويلات من والى الخارج. كما ورد ايضا ان ليس للمتهم أي ديون جبائية مثقلة الى غاية 05/10/2023.
3. بخصوص تقديم “كمال لطيف” وأفراد عائلته طلب اكتتاب في عقود التأمين على الحياة بدولة لوكسمبورغ دون الحصول على تراخيص من البنك المركزي، ذكر السيد قاضي التحقيق الجزء الأول فقط من المعطيات التي قدمتها اللجنة، متغافلاً عمداً عن ما تلاه من معلومات (أو ربما لم ينتبه للصفحة الخلفية المتبقية). فقد أوضحت اللجنة أنها أحالت الملف إلى مصالح الديوانة والوحدة النظيرة بدولة لوكسمبورغ، والتي أفادت بمعطيات إضافية مهمة. وأهم هذه المعطيات أن من قام بالاكتتاب هما زوجة وابن “كمال لطيف”، وليس هو نفسه، وأن الطلب كان في عام 2012 ما يجعلها شهادة خارج السياق الزمني لقضية التآمر، وأن العقود الأصلية كانت مع شركة SOGELIFE الاختصار ل SOCIETE GENERALE LIFE، وهي شركة التأمين التابعة لمجموعة “سوسيتيه جنرال- Société Générale” الفرنسية، وليست بدولة لوكسمبورغ، نظراً لأن ابن المتهم مقيم في فرنسا منذ بداية دراسته في باريس.
نتيجة التحركات الحدودية بعد إجراءات 25 جويلية 2021 لم تثبت أو تعزز الاتهامات الموجهة ضد “كمال لطيف” كما يدعي قرار ختم البحث أنه سافر عديد المرات الى بعض الدول الغربية والأوروبية(صورة). وحيث تحصلنا على جوازات المتهم وتبين كما في الصور التالية أن المتهم سافر مرتين فقط منذ ذلك التاريخ، الاولى بتاريخ 03/11/2021 إلى فرنسا عبر مطار باريس أورلي ليعود الى تونس بتاريخ 14/11/2021، والمرة الثانية بتاريخ 20/08/2022 عبر مطار Nice Côte d’Azur ليعود إلى تونس بتاريخ 30/08/2022 فقط لا غير.
وحيث يدعي التقرير تعزز الاتهام الموجه ضد رجل الأعمال “كمال اللطيف” باعترافه الجزئي الذي لا يوجد، والاختبار الفني الذي ثبت أنه مخالف لهذا، وشهادة الشهود أحدهما “ماشافش حاجة” والاخر شهادته مجرح فيها، وتقرير لجنة التحاليل المالية الذي بين العكس تماما، وبنتيجة تحركاته الحدودية التي تبين أن السيد قاضي التحقيق قام بفبركتها. ولم تتظافر أي قرائن وحجج قوية عكس مايذكر.
الأفعال المنسوبة ل”خيام التركي” – المتهم #2:
- محضر استنطاق الناشط السياسي “خيام التركي” لدى قاضي التحقيق سمير الزوابي بتاريخ 24/02/2023
- محضر سماع المخبر XX بتاريخ 16/02/2023
صباح يوم السبت 11 فيفري 2023 قامت قوات الشرطة التابعة للوحدة الوطنية الأولى للبحث في جرائم الإرهاب والجرائم المنظمة والماسّة بسلامة التراب الوطني بمداهمة وتفتيش منزل الناشط السياسي “خيام التركي”، وذلك بعد صدور إذن قضائي في الغرض من قبل النيابة العمومية. حيث تم اتهام “خيام التركي” بالتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي.
14 شهرا من الإيقاف على ذمة التحقيق ليصدر قرار ختم البحث في القضية في شهر أفريل 2024. حيث زعم السيد قاضي التحقيق الذي استجوب “خيام التركي” في 24 فيفري 2023 أنه اعترف جزئياً بالتواصل مع “غازي الشواشي” عبر تطبيقة واتساب، حيث تضمنت المحادثة دعوةً لـ “ضرورة تدخل الجيش للانقلاب على نظام قيس سعيد”. على الرغم من أن القاضي أعاد نص المحادثة على “خيام التركي”، ووضح المتهم أن كتابته للرسالة كانت بسبب “القلق من تدخل الجيش في الشأن السياسي”، وبالرغم من أن المحادثة لم تحوي على دعوة صريحة لما يدعيه في قرار ختم البحث، إلا أن قاضي التحقيق تعمد تحريف ما صرح به المتهم واعتماده كاعتراف جزئي.
يذكر قرار ختم البحث أن الناشط السياسي “خيام التركي” اعترف تحقيقا بتنظيم لقاء مع رئيسة القسم السياسي بسفارة الولايات المتحدة Heather Kalmbach ولقاء آخر بين “أحمد نجيب الشابي” والسفيرة البريطانية وآخر جمعهما مع “لورينزو فانارا” السفير الإيطالي السابق، والشخص رقم 2 في السفارة الاسبانية Fernando Filalonga، كما التقى بالسفير الفرنسي بتونس Andre Parant في اليوم التالي لإجراءات قيس سعيد 25/07/2021. بحصولنا على نسخة من محضر سماع الناشط السياسي “خيام التركي” لدى قاضي التحقيق “سمير الزوابي” اتضح أن ما ورد من اعترافات في قرار ختم البحث مضلل وتلاعب قاضي التحقيق بجملة من المعطيات للايهام بجريمة ارهابية، حيث لم يلتق “خيام التركي” السفير الفرنسي بتونس Andre Parant بل كانت محادثة على تطبيقة “واتساب” بتاريخ 26/07/2021 موضوعها مقال منشور للعموم على موقع JAFJAF لا يتناول موضوع التحضير لانقلاب عسكري كما ادعى قاضي التحقيق ولا علاقة للمتهم به، بل قام بإرسال الرابط فقط. (صورة الفرق بين ختم البحث والسماع).
السيد قاضي التحقيق لم يقدم أي أدلة وقرائن تثبت ان “مخططا” تآمريا حبك في الاجتماعات التي نظمها الناشط السياسي “خيام التركي”، بل صور اللقاءات مع السفراء وكأنها مشبوهة، في حين أنها تمت في إطار العرف الدبلوماسي باعتبار المتهم يدير مركزا للدراسات الاستراتيجية والسياسية “جسور” ونشاطها قانوني وعلني، ولا يوجد نص قانوني يجرم اللقاءات مع دبلوماسيين أجانب. ولو فرضنا أن تلك اللقاءات مشبوهة و ثبت أن الهدف منها التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي، فلماذا تجاهل السيد قاضي التحقيق مطالب هيئة الدفاع لسماع السفراء ن لمعرفة فحوى اللقاءات وتفاصيل المخطط التآمري؟
ادعى قرار ختم البحث أيضاً أن الناشط السياسي “خيام التركي” اعترف بتواصله مع “عصام الشابي” للتحضير لما بعد “تنحية” قيس سعيد، في حين أن ما ورد في أقوال المتهم لا يتضمن “اعترافاً” بهذا المخطط، بل أكد أن المحادثة لا تتعدى كونها نقاشاً بين سياسيين يتناولان الأزمة ويقترحان حلولاً لها. ومن المهم الإشارة إلى أن لفظ “تنحية” لم يرد في المحادثة بين المتهمين ولا في الاعتراف. ومن اللافت أيضاً أن نفس قاضي التحقيق الذي استجوب “خيام التركي” هو من حرر قرار ختم البحث، مما يثير العديد من التساؤلات حول تحريف الاعترافات وتصوير ما قاله “خيام التركي” كأفعال مجرمة قانوناً. في حين أن الاتهامات يجب أن تُبنى على اليقين وليس على الشك والتخمين وفبركة السماعات والأدلة.
اعتمد قاضي التحقيق على الاختبارات الفنية للمحادثات في هواتف “خيام التركي” لتعزيز ما أسماه “اعترافات” -والتي تبين أنها تصريحات بأفعال غير مجرمة قانوناً-. وقد حصل فريق منصة فالصو على النسخة الكاملة من تقرير الاختبار الصادر عن مكتب اختبارات خاص بتاريخ 04/08/2023 (المرفق بهذا التقرير). وبعد مراجعة محتوى التقرير، تبين إما أن السيد قاضي التحقيق لم يطلع عليه، أو أنه قام بعملية تضليل متعمدة في تحرير قرار ختم البحث. إذ يكشف التقرير في رسم بياني لأكثر 10 أطراف اتصالا وتبادلا للمحادثات مع المتهم لا علاقة لهم بالقضية، ماعدى “حمزة المؤدب” باعتباره صديقا مقربا من الناشط السياسي “خيام التركي”. كما أن المحادثات المضمنة صلب تقرير الاختبار مع الأشخاص المذكورين هي في أغلبها روابط لمقالات او احاديث وتبادل آراء في فضاء خاص ومضمونها لا يجرمه القانون وخالية من اي قرينة أو حجة تفيد ارتكاب جريمة ارهابية.
زعم قاضي التحقيق في قرار ختم البحث أن تقرير الاختبار الفني كشف أن “خيام التركي” تواصل مع المتهم رقم 25 في القضية، السيد “المنجي الذوادي”، والذي يُدير شبكة علاقات في الولايات المتحدة تستهدف المصالح التونسية وأساسًا مسار الرئيس. وادعى أن “الذوادي” كان وراء أغلب القرارات التي اتخذها الكونغرس الأمريكي ضد مصالح الدولة التونسية بالتنسيق مع “التركي”. تجدر الإشارة إلى أن “المنجي الذوادي” يدير جمعية Tunisian United Network التي تأسست في عام 2015 وتهدف إلى تعزيز العلاقات بين الولايات المتحدة وتونس، وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان. ما تقوم به الجمعية Tunisian United Network من مناصرة حقوق الإنسان ومعارضة نظام 25 جويلية لا يعني استهداف مصالح الدولة. كما أن تقرير ختم البحث لم يقدم أي دليل يُثبت أن “الذوادي” هو من يقف وراء القرارات التي اتخذها الكونغرس الأمريكي ضد المصالح التونسية. ما ذُكر بخصوص هذه النقطة هو تحليل سياسي من قاضي التحقيق ويتجاوز صلاحياته كقاضٍ.
نتيجة التحركات الحدودية ل “خيام التركي” لم تثبت أو تعزز الاتهامات الموجهة ضده كما يدعي قرار ختم البحث، فالمتهم ابن لقنصل سابق وحفيد لمناضلة اسبانية ناضلت ضد نظام فرانكو، ولد في باريس وعاش بها كما عاش بالعديد من المدن والعواصم الأوروبية كما هو مشار اليه في محضر سماعه، درس العلوم السياسية بباريس ومتحصل على شهادة في اقتصاديات الشرق الأوسط بالجامعة الأمريكية بمصر. تحركات “خيام التركي” الحدودية وسفره المتكرر هو أمر اعتيادي منذ صغره ولا يمكن اعتمادها وسيلة إثبات.
اعتمد القاضي كما الحال في ملفات بقية المتهمين على شهادة المخبر XX والذي قدم معطيات تعود لتواريخ بين 2011 و2016، جعل منها شهادة خارج السياق الزمني لقضية التآمر. الا ان ما نسب ل “خيام التركي” بناء على هذه الشهادة فيه تناقض، حيث يذكر المخبر XX ان “التركي” تجمعه علاقة مباشرة ب “كمال لطيف” ويلتقيان بمكتب سكرة او منزل سيدي بوسعيد، ثم يصرح أن المتهمين تجمعهما علاقة غير مباشرة .
بالاضافة انه وفي الحالتين، المخبر XX يتحدث عن أفعال غير مجرمة قانونا ومن المفترض أنه يعلمها قبل دخوله السجن سنة 2016 كما انه تم سماعه بعد اعتقال خيام التركي باسبوع. عدى مسالة التجريح في شهادة المخبر، فان السيد قاضي التحقيق لم يقدم اي ملف يفيد قيامه بأبحاث إضافية تثبت صحة الشهادة المقدمة ضد الناشط السياسي “خيام التركي”.
الأفعال المنسوبة لنور الدين البحيري – المتهم #3:
القيادي بحركة النهضة ووزير العدل الأسبق “نور الدين البحيري”، قرّر قاضي التّحقيق بقطب مكافحة الإرهاب “سمير الزوابي” ابقاءه بحالة سراح بعد استنطاقه كمتّهم في ما يعرف بقضية “التّآمر” المزعومة.
في البداية، تبدأ وثيقة قرار ختم البحث بالتأكيد على أن “نور الدين البحيري” أنكر جميع التهم الموجهة إليه خلال التحقيقات. هذا الإنكار يتماشى مع مبدأ أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، ولا يمكن اعتباره دليلاً على الجرم. إنكار البحيري للتهم يعكس حقه في الدفاع عن نفسه ويستدعي تقديم أدلة قوية لدعم أي اتهامات موجهة ضده، وهو مالم يتوفر في عمل السيد قاضي التحقيق، حيث بنيت جميع الاتهامات والأفعال الموجهة ل”البحيري” بناء على شهادة المخبر XXX فقط لا غير ليدعمها بشهادة “وليد بن عثمان”، وهي كما بينا سابقا، شهادة تفتقر للجدية، لم يكلف قاضي التحقيق نفسه عناء البحث والتدقيق في صحتها، بل اعتمد عليها لإقامة الحجة ضد “البحيري” رغم وجود تضارب واضح ومغالطات بالجملة في شهادته. المخبر شهد بما لم يره أو يسمعه، بل قدم سلسلة من العنعنة مستنداً إلى صديق مقيم بالخارج وصديقه عن صديقة مقيمة ببريطانيا دون ذكر هوياتهم أو استفسار القاضي عنهما، مما يجعل مصادر المخبر مجهولة لدى القضاء.علاوة على ذلك، لم يقدم المخبر أي أدلة تدعم ادعاءاته، مثل سجلات أو وثائق أو مخططات سواء لتورط القيادي بحركة النهضة “نور الدين البحيري” في هذا المخطط التآمري، أي أن شهادته تفتقر إلى أدلة مادية ملموسة وتستند بشكل أساسي إلى مزاعم غير موثقة، مما يجعل من الصعب الاعتماد عليها كدليل قوي
يشير قاضي التحقيق اعتمادا على شهادة المخبر XXX أن “البحيري” يترأس مجموعة تتكون من أفراد محددين دون تقديم أي أدلة ملموسة على وجود هذه المجموعة، ولا تحديد هوياتهم، ولا معرفة تفاصيل تحركاتهم ونشاطاتهم. الادعاء بأن البحيري يعطي التعليمات لقلب نظام الحكم بالقوة هو اتهام خطير يتطلب أدلة قوية ومثبتة، وهو ما لم يوفره التقرير حيث لم يقدم السيد قاضي التحقيق لا توجد أدلة ملموسة أو تقارير مستقلة تدعم هذه المزاعم. الادعاء بأن البحيري يقود مجموعة من المتشددين والخلايا النائمة بمساعدة رؤساء البلديات من حزب حركة النهضة هو اتهام بدون أدلة داعمة. الشهادة الوحيدة التي تدعم هذا الادعاء هي شهادة شاهد محجوب الهوية، مما يقلل من مصداقية الادعاء خصوصا في ظل غياب الادلة.
ذكر الشاهد “وليد بن عثمان” أنه شاهد اجتماعاً في منزل راشد الغنوشي بجهة سكرة من ولاية اريانة، بحضور عدة أشخاص من بينهم البحيري. لكن هذا الادعاء يتطلب تحققاً إضافياً ودليلاً على أن الاجتماع- ان افترضنا انه حدث بالفعل- كان له صلة بمزاعم التخطيط للانقلاب. بدون أدلة داعمة، يبقى هذا الادعاء في نطاق الشكوك خاصة وان راشد الغنوشي لا يقطن بسكرة بل بمنطقة رياض الأندلس . بناءً على ما سبق، تعتمد الوثيقة بشكل أساسي على شهادات غير موثقة بدون تقديم أدلة ملموسة تدعم هذه المزاعم الخطيرة.
#فيما نسب لعصام الشابي – المتهم 4:
الأمين العام للحزب الجمهوري الذي وجهت له تهم التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي، عدم الاشعار بجريمة ارهابية والانضمام الى وفاق إرهابي، تمسك بإنكار جميع التهم المنسوبة إليه. إلا أنه وبمراجعة قرار ختم البحث، وجدنا ان قاضي التحقيق استعمل عبارات “تعزز الاتهام” و”قامت الحجة الواقعة” دون تعزيز أو حجج واقعية تذكر. حيث تتمثل جملة الأفعال المنسوبة للسيد عصام الشابي في معرفته وتواصله مع خيام التركي حول “مواضيع تهم الشأن العام” حسب قرار ختم البحث، وهي دون ادنى شك أفعال لا يجرمها القانون.
في تقرير قاضي التحقيق “سمير الزوابي” الذي استمع إلى شهادة الأمين العام للحزب الجمهوري “عصام الشابي”، لوحظ تعمد القاضي إغفال عدة نقاط هامة توضح سياق اعتراف الشابي. ففي قرار ختم البحث، تم ذكر اعتراف الشابي بتواصله مع محمد خيام التركي وزيارته لمنزله لبحث مواضيع تتعلق بالشأن العام. إلا أن قاضي التحقيق لم يشر إلى العلاقة الطويلة بين الشابي وخيام التركي، والتي تعود إلى عام 2011، حيث كان التركي قيادياً في حزب “التكتل”، وقد جمعت بينهما العديد من النقاشات والحورات السياسية. هذا الإغفال يثير تساؤلات حول مدى دقة وشمولية التقرير.
السيد قاضي التحقيق واصل في إغفال نقاط عدة ذكرها “الشابي” أثناء سماعه، حيث ذكر في قرار ختم البحث أن الأمين العام للحزب الجمهوري “عصام الشابي” أكد معرفته بالمظنون فيه كمال اللطيف الذي كان يلتقيه في بعض المناسبات الاجتماعية و يتلقى منه بعض الروابط المتعلقة بمقالات صحفية. كل هذا صحيح، لكن مالم يذكره ان “الشابي” حقق أنه يعرف “كمال لطيف” كبقية الطيف السياسي ولم يلتقيه إلا في بعض المأتم و عقد الزواج و كان يتبادل معه التحية لا غير و كان يتلقى منه بعض الروابط المتعلقة بمقالات صحفية التي يقوم بإرسالها لجميع قائمة أصدقائه.
لم يكن قرار ختم البحث خالياً من المغالطات والمعطيات غير الدقيقة، حيث استخدم القاضي تعبيرات غير دقيقة مثل “تعزز الاتهام” دون أن يكون هناك تعزيز فعلي للاتهام. كما ادعى وجود اختبار على المحجوز “تضمن محادثات مع بعض الأطراف الأجنبية وذلك في إطار التآمر والتحريض على الدولة التونسية والنظام القائم بها”، حسب تعبيره. من الجدير بالذكر أن قاضي التحقيق لم يقدم أي أدلة تدعم التهم المزعومة بالتآمر والتحريض، مما يشير إلى أنه وقع في فخ التحليل والتأويل الشخصي للأحداث. من المهم أيضاً الإشارة إلى أن قاضي التحقيق لم يستجوب المتهم حول محتوى هذه المحادثات وسياقها، ولم يمنحه الفرصة الكاملة لتبريرها – إن وجدت – أو تقديم أي وثائق أو أدلة تدعم موقفه وتدحض الاتهامات في إطار حقه في الدفاع عن نفسه.
اتهم قاضي التحقيق الأمين العام للحزب الجمهوري، عصام الشابي، بالتواصل مع أخيه أحمد نجيب الشابي. خلال هذا التواصل، عبّر كل من عصام وأحمد نجيب عن معارضتهما للقرارات التي اتخذها السيد رئيس الجمهورية، والتي شملت حل البرلمان. كما شملت المحادثات دعوة لتوسيع التحالف ضد رئيس الجمهورية. وفي هذا الإطار، أرسل عصام الشابي إلى أخيه أحمد نجيب الشابي رابطًا يشير إلى أن سفراء الولايات المتحدة السابقين في تونس كانوا يراسلون الرئيس الأمريكي جو بايدن للضغط على رئيس الجمهورية قيس سعيد.
يجب ملاحظة أن هذه المعلومات تتعلق بتبادل آراء ومواقف سياسية، ولا تشكل بشكل مباشر تواطؤًا أو تحريضًا غير قانوني. الحق في المعارضة السياسية والتعبير عن المواقف المختلفة تجاه قرارات الرئيس هو حق دستوري. كما أن المواقف المعلنة من قبل المتهمين تجاه قرارات رئيس الجمهورية تعد جزءًا من حقهم في التعبير عن رأيهم ومعارضتهم السياسية، وهو حق مكفول دستوريًا.
عبر كل من عصام الشابي وأحمد نجيب الشابي عن معارضتهما للقرارات السياسية عبر وسائل التعبير المشروعة، ولا يشكل هذا التواصل انتهاكًا قانونيًا إذا تم ضمن إطار الحقوق الدستورية. بالإضافة إلى ذلك، فإن الدعوة لتوسيع التحالف ضد رئيس الجمهورية، حتى وإن كانت موجهة في المحادثات، تعد جزءًا من العمل السياسي المشروع. أما بالنسبة للرابط الذي أرسله عصام الشابي إلى أحمد نجيب الشابي، والذي يشير إلى رسائل بين سفراء أمريكا السابقين والرئيس الأمريكي، فهو رابط متاح للعموم، ويعكس تبادل معلومات سياسية وليس دليلًا قاطعًا على ارتكاب جرم.
في ما نسب للناشط السياسي جوهر بن مبارك – متهم #5
محضر سماع الناشط السياسي جوهر بن مبارك لدى باحث البداية
تم سماع الناشط السياسي جوهر بن مبارك لدى الوحدة الوطنية للبحث في جرائم الإرهاب والجرائم المنظمة والماسة بسلامة التراب الوطني بتاريخ 23 فيفري 2023، ثم لدى قاضي التحقيق بتاريخ 25 فيفري 2023. نسب إليه جملة التهم في القضية المعنية وهي 17 تهمة، إلا أن الأفعال المنسوبة إليه لم ترتق إلى مستوى الجريمة، كما أنها لا أساس لها من الصحة.
يذكر قرار ختم البحث الذي وقع ختمه بتاريخ 12 أفريل 2024 ان الناشط السياسي “جوهر بن مبارك” قد أنكر جملة التهم المنسوبة إليه خلال مراحل البحث والتحقيق. يعتبر هذا الإنكار حقاً مشروعاً لكل متهم، ولا يمكن اعتباره دليل إدانة بحد ذاته. وعلى الرغم من هذا الإنكار الذي كان المفترض أن يبحث قاضي التّحقيق بقطب مكافحة الإرهاب عن قرائن البراءة فإنه تعمد فبركة ماضمن في قضية الحال ليوجه الاتهام بالتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي-وغيرها من التهم- دون اي اثبات. السيد قاضي التحقيق اعتبر اعتراف “بن مبارك” بلقائه ببعض المتهمين في القضية بمنزل “محمد خيام التركي” لمناقشة الوضع العام بعد الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها رئيس الجمهورية في 25 جويلية 2021 فعلا يستوجب توجيه التهم، حيث قام عمدا بإغفال جزء من اعتراف “بن مبارك” حول هذا اللقاء. بالاطلاع على محضري سماعه تبن أن “بن مبارك” أصر على أن اللقاء لم يتضمن “أي مواضيع يمكن أن تمس من أمن الدولة الداخلي والخارجي” وكان لقاء للحديث حول توحيد الصف المعارض للسلطة القائمة بالبلاد. قرار ختم البحث لم يذكر اي دلالة جنائية تجرم هذا اللقاء، حيث يمكن اعتباره جزءاً من النشاط السياسي المشروع ل “جوهر بن مبارك” وممارسة لحقوقه الدستورية.
السيد قاضي التحقيق “سمير الزوابي” ذكر أن بن مبارك أنكر في البداية اجتماعه بأية أطراف أجنبية، ثم اعترف بلقائه برئيسة القسم السياسي بسفارة الولايات المتحدة الأمريكية Heather Kalbach بعد مواجهته بالمعاينات الفنية.
عند سماعه لدى الوحدة الوطنية للبحث في جرائم الإرهاب والجرائم المنظمة والماسة بسلامة التراب الوطني بتاريخ 23 فيفري 2023، توجه السيد محافظ الشرطة سمير الشعباني، رئيس فرقة الأبحاث، بالسؤال للمتهم عن محادثة بينه وبين “محمد خيام التركي” حول لقاء مع رئيسة القسم السياسي بسفارة الولايات المتحدة الأمريكية Heather Kalbach واثنين من “الضباط”، وهو ما أنكره جوهر بن مبارك حسب محضر سماعه الأول، لقاء ضباط أمريكيين. ثم تبين لنا من مراجعة المحادثة أن الترجمة كانت مضللة، إذ إن الرسالة أوضحت أن اللقاء سيكون مع رئيسة القسم السياسي بسفارة الولايات المتحدة الأمريكية Heather Kalbach وموظفين اثنين، وليس ضباط. كما أن “خيام التركي” أوضح ذلك في سماعه بتاريخ 24 فيفري 2023 :
هذا اللقاء يندرج ضمن الأنشطة الدبلوماسية العادية ولا يشكل دليلاً على تهمة جنائية دون وجود سياق أو مضمون يثبت تورطه في نشاط غير قانوني، كما لا نص قانوني واضح يجرم ذلك، كما لم يقدم السيد قاضي التحقيق أي أدلة مادية حول فحوى تلك الاجتماعات وما اذا كانت فعلا حول مؤامرة ضد الدولة التونسية، اي ان التهم الموجهة لـ “جوهر بن مبارك” تعتمد بشكل كبير على التأويلات والتحليلات غير المثبتة بأدلة قاطعة.
احدى الحجة الرئيسية للاتهام تعتمد على تقرير اللجنة المالية، والذي يحتاج إلى تدقيق وتحليل شامل للتحقق من تطابق ما جاء فيه وما ذكر في قرار ختم البحث. فريق منصة فالصو تحصل على النسخة الكاملة للتقرير بخصوص “جوهر بن مبارك” وبناءً على المعطيات المتوفرة التي نرفقها بهذا المقال، يتبين أن التهم الموجهة لجوهر بن مبارك لا تفتقر إلى الأدلة القاطعة فقط، بل ان السيد قاضي التحقيق تعمد تضليل العدالة مشيرا إلى أن “بن مبارك” يملك عدة حسابات بنكية وقام بتحويلات مالية مكثفة وغير مبررة ومشبوهة:
قانونًا، يتعين على القاضي استجواب المتهم بشأن تلك الأموال ومصادرها وتقديم الأدلة المتعلقة بها، وهو ما لم نجد له أثرا في محاضر سماع المتهم. هذا الإجراء يعتبر جزءًا أساسيًا من تحقيق العدالة، حيث يُمنح المتهم الفرصة للدفاع عن نفسه وتقديم تبريرات معقولة للأموال المحولة. في السياق القانوني، عدم استجواب المتهم حول هذه التحويلات المالية يشكل قصورًا في عملية التحقيق وتضليلا للعدالة ونسبة أفعال لا أساس لها، حيث أنه بدون استجواب مباشر ومنح المتهم فرصة لتوضيح مصادر الأموال وتقديم الأدلة المتعلقة بها، لا يمكن اعتبار التحويلات غير مبررة أو مشبوهة بشكل قانوني. يتعين على قاضي التحقيق، وفقا للأصول القانونية، توجيه أسئلة محددة للمتهم حول كل حساب بنكي والتحويلات التي تمت من خلاله، والإستماع إلى التفسيرات التي يقدمها المتهم. هذا يشمل طلب الوثائق والمستندات الداعمة لتلك التفسيرات، مثل عقود البيع أو الشراء، سجلات الأعمال التجارية، أو أي مستندات أخرى تثبت مصدر الأموال واستخداماتها. بدون هذه الخطوات القانونية الضرورية، فإن الادعاء بأن التحويلات المالية غير مبررة ومشبوهة يبقى غير مدعوم بالأدلة القانونية الكافية.
قمنا أيضا بمراجعة تقرير لجنة التحاليل المالية، ولم يرد به اي ملاحظة او تحليل يحيل على ؛التحويلات المكثفة وغير المبررة والمشبوهة” بل ان التقرير يوضح مفصلا إن مجمل العمليات المالية التي قام بها “بن مبارك” اما انها لا تستحق الذكر حسب لجنة التحاليل المالية أو أنها سجلت قبل 25 جويلية 2021.
وبناءً على المعطيات المتوفرة من محاضر السماع وتقرير لجنة التحاليل المالية والتقارير الفنية المجراة، تأكد أن التهم الموجهة لـ جوهر بن مبارك تفتقر إلى الأدلة القاطعة، وتستند إلى تأويلات قد لا تصمد أمام التدقيق القانوني السليم، بل انها وجهت له بناء على حقائق محرفة من طرف السيد قاضي التحقيق.
———————————-「つづく」 or “To Be Continued” يتبع
لا تعليق