زائف- لا وجود للفصل 60 في قرار الإحالة بملف التأمر 


نشرت صفحة “قيس سعيد البناء والتشييد” منشوراً بتاريخ 01 مارس تدعي فيه أن خيام التركي ومجموعته قد اتصلوا بسفارات دول أجنبية بهدف دفعها للقيام بأعمال عدوانية ضد تونس، مستندًا إلى نصين قانونيين يُزعم أنهما يُشكّلان أساس الاتهام:

  • الفصل 60 من المجلة الجزائية: الذي يُقال فيه إن “كل تونسي يتصل بدولة أجنبية ليدفعها للقيام بأعمال عدوانية ضد البلاد يُعد خائنا ويُعاقب بالإعدام”.
  • الفصل 69: الذي يُستشهد به للدلالة على أن “المؤامرة تحدث بمجرد الوفاق والتقارر والعزم على الفعل بين شخصين أو أكثر”.

ولكي نوضح مدى دقة هذه الادعاءات، قمنا بمراجعة النص الرسمي لقرار دائرة الإتهام والذي يتضمن الاتهامات القضائية الموجهة ضد خيام التركي والمشتبه بهم الآخرين،. وفيما يلي التفاصيل الدقيقة لمقارنة النصوص:

أولاً: التهم الرسمية مقابل الادعاءات المنشورة

يتألف النص الرسمي للاتهامات القضائية من سلسلة من التهم تشمل جرائم تكوين وفاق إرهابي، تمويل أنشطة إرهابية، إخفاء مصادر الأموال، والتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي، بالإضافة إلى جرائم أخرى مثل الإضرار بالأمن الغذائي والبيئي، ومحاولة تبديل هيئة الدولة، وتوفير أسلحة ومتفجرات وغيرها من الجرائم. وقد استندت هذه التهم إلى مواد قانونية متعددة من القانون الأساسي المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال (على سبيل المثال: الفصول 1، 13 الجديد، 32، 36، 40، وغيرها) ومن مواد المجلة الجزائية (مثل المواد 61، 62، 67، 68، 69، 70، وهكذا).

ثانيًا: عدم وجود المادة 60 في النص الرسمي

من خلال تحليل النص الرسمي للاتهامات القضائية، تبين أنه لا توجد أي إشارة إلى “الفصل 60” من المجلة الجزائية. فالنص الرسمي لم يذكر أو يعتمد على أي مادة قانونية تقضي بأن الاتصال مع دولة أجنبية يُعد خيانة ويُعاقب بالإعدام. يُظهر ذلك أن الادعاء الذي نشرته الصفحة حول المادة 60 هو استشهاد مُختلق لا يستند إلى الوثائق الرسمية، بل هو محاولة لتضخيم الموقف القانوني ضد خيام التركي من خلال انتقاء نص قانوني غير موجود في الملف القضائي.

ثالثًا: المادة 69 ودورها في النص الرسمي

على النقيض من ذلك، تظهر المادة 69 ضمن قائمة المواد القانونية المذكورة في النص الرسمي، وهي مادة تتعلق بعنصر الاتفاق والتقارر والعزم على تنفيذ الفعل الإجرامي، وهو عنصر يُستخدم لتحديد نية المؤامرة. ومع ذلك، فإن استخدام هذه المادة في السياق القانوني يتطلب توفر أدلة دامغة تثبت وجود عزم واضح على تنفيذ جريمة إرهابية؛ وهو ما يختلف تمامًا عن الادعاء المختصر في المنشور الذي يصوره على أنه مجرد “وفاق” بدون التعمق في الوقائع والإثباتات. كذلك الحال في الملف القضائي : حين تتأمر الدولة على الحقيقة

يعتمد المنشور على تفسير انتقائي ومغلوط للنصوص القانونية، إذ يُختار نصّ المادة 60 التي لا تظهر في الوثائق الرسمية، ثم يُدمج مع المادة 69 دون توضيح الشروط القانونية التي تستدعي تطبيقها. هذا التلاعب يؤدي إلى تقديم صورة مشوهة لقضية التآمر ضد خيام التركي، ويُستخدم لغة قانونية قوية لتأطير نشاطات قد تكون ضمن إطار نشاطات سياسية أو دبلوماسية مشروعة. في حين أن التهم الرسمية تُبنى على تفاصيل دقيقة ومجموعة من المواد القانونية المتشابكة التي تتطلب تحقيقات مستفيضة، فإن المنشور يحاول تقليصها إلى عبارة مختصرة تُفهم بطريقة تثير الذعر وتغالط الرأي العام. 

لا تعليق

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *